مشاهد بريس
مكنت الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك مـحمد السادس في فبراير 2020 لجهة سوس ماسة من إعطاء زخم للمشاريع والأوراش التنموية بالجهة في مختلف المجالات.
وقد شهدت الجهة، بمناسبة الزيارة الملكية الميمونة، إطلاق العديد من المشاريع المهيكلة المندرجة في إطار مخطط التسريع الصناعي والبرنامج الجهوي لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وكذا إطلاق العديد من المشاريع ذات الوقع المهيكل، فضلا عن خلق دينامية في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وتميزت الزيارة الملكية للجهة بترأس جلالته، يوم 4 فبراير 2020 بأكادير، حفل إطلاق برنامج التنمية الحضرية لأكادير (2020-2024)، وهو البرنامج المهيكل الذي يؤسس لمرحلة جديدة في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمدينة أكادير، وتعزيز دورها كقطب اقتصادي مندمج وكقاطرة للجهة.
ويهدف برنامج التنمية الحضرية لأكادير، الذي تناهز كلفته 6 ملايير درهم، إلى الارتقاء بالمدينة كقطب اقتصادي متكامل وقاطرة للجهة وتكريس مكانتها وتقوية جاذبيتها كوجهة سياحية وطنية ودولية، والرفع من مؤشرات التنمية البشرية، وتحسين ظروف عيش الساكنة، لاسيما في الأحياء ناقصة التجهيز، وكذا تقوية البنيات التحتية الأساسية، وتعزيز الشبكة الطرقية لتحسين ظروف التنقل بمدينة الانبعاث.
وتجسيدا للتنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس في 28 يناير 2018، أشرف جلالته، يوم 6 فبراير 2020 بأكادير، على تدشين مدينة الابتكار سوس- ماسة.
ويشتمل هذا المشروع الرائد، الذي كلف إنجازه غلافا ماليا يصل إلى 42 مليون درهم، على حاضنة للمقاولات والمقاولات الناشئة المبتكرة، ومركز للبحث والتطوير، يحتضن مختبرات “تحديد وتحليل الوحدات الطبيعية” و”التكنلوجيا العضوية والصحة”، و”تحليل المخلفات”، و”التغيرات المناخية والتنمية المستدامة”، و”الماء والطاقة، والطاقات المتجددة”، و”الصناعة بالمختبرات”.
ويأتي انطلاق استغلال مدينة الابتكار لتعزيز دينامية المقاولات بأكادير الكبرى وتدعيم زخم التنمية الصناعية، التي تم إطلاقها بالجهة من أجل التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي، الذي يندرج في إطار تنفيذ الجهوية المتقدمة.
وبجماعة الدراركة بأكادير، أعطى جلالة الملك انطلاقة أشغال إنجاز مدينة المهن والكفاءات لسوس- ماسة، كلبنة أولى لعرض نوعي في مجال التكوين المهني، حيث ترأس جلالته بهذه المناسبة حفل توقيع الاتفاقية المتعلقة بتمويل مدن المهن والكفاءات، قبل أن يعطي جلالته انطلاقة أشغال تشييد مدينة المهن والكفاءات سوس- ماسة التي سيتم إنجازها على مساحة 15 هكتارا وبغلاف مالي إجمالي يبلغ 430 مليون درهم.
كما أعطى جلالة الملك، يوم 7 فبراير 2020، انطلاقة أشغال بناء مستشفى الأمراض النفسية بأكادير، وهو مشروع يندرج في إطار تنفيذ برنامج التنمية الحضرية لمدينة أكادير (2020-2024).
ويعكس هذا المشروع، الذي يكلف استثمارات تصل إلى 55 مليون درهم، الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك لقطاع الصحة، لاسيما من خلال تطوير البنيات التحتية الاستشفائية، وتعزيز الخدمات الصحية الأولية وتقريبها من المواطنين.
وسيمكن إنجاز مستشفى الأمراض النفسية لأكادير، المنسجم مع أهداف برنامج التنمية الحضرية للمدينة (2020-2024)، الذي يخصص حيزا هاما من استراتيجيته لتطوير العرض الصحي، إلى جانب كلية الطب والصيدلة والمركز الاستشفائي الجامعي المقبل بأكادير، من انبثاق قطب طبي حقيقي ومتميز على صعيد جهة سوس ماسة.
وبخصوص مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أعطت الزيارة الملكية للجهة دفعة قوية لبرامج المبادرة في مرحلتها الثالثة، التي تعطي الأولوية للشباب، حيث أشرف جلالة الملك بجماعة آيت ملول (عمالة إنزكان -آيت ملول)، على تدشين منصة الشباب “أركانة” للإنصات والتوجيه.
ويجسد هذا المشروع المنجز في إطار محور “تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب”، الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالته لتمكين الشباب من تحقيق ذواتهم وطموحاتهم، وإرادة جلالته في تزويدهم بوسائل متنوعة تمكنهم من تحفيز روح المبادرة والمقاولة لديهم، وتضمن لهم إدماجا سوسيو- اقتصاديا أفضل.
وتحتوي منصة الشباب “أركانة” للإنصات والتوجيه، والتي تبلغ كلفة إنجازها 7 ملايين درهم، على فضاءات للاستقبال، والمقاولات، والتشغيل والإنصات، وورشات، وقاعة للندوات، ومكتبة وسائطية، وقاعة للرياضة، وملعب لكرة القدم المصغرة.
وفي مجال الصيد البحري، أشرف جلالة الملك، خلال هذه الزيارة، على تدشين نقطة تفريغ مجهزة لمنتوجات البحر بمنطقة إيموران، التابعة لجماعة أورير (عمالة أكادير إداوتنان)، وهو مشروع كلف غلافا ماليا إجماليا بلغ 24,6 مليون درهم.
ويعكس هذا المشروع، الذي سيستفيد منه 130 بحارا يعملون ب 52 قاربا تقليديا، إرادة جلالة الملك الرامية إلى وضع جهة سوس ماسة على سكة التنمية المستدامة، كما يجسد العناية السامية التي ما فتئ جلالته يحيط بها الساكنة محدودة الدخل، لاسيما مهنيي قطاع الصيد التقليدي.
ومن شأن هذا المشروع، الذي يتوقع أن يبلغ إنتاجه السنوي 2500 طن، برقم معاملات سنوي يناهز 75 مليون درهم، المساهمة في تحسين ظروف عيش وعمل هذه الفئة الاجتماعية، وتطوير وإعادة هيكلة قطاع الصيد التقليدي، من خلال إحداث قطب مندمج في محيطه الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن المحافظة على الثروات السمكية.
أما بخصوص القطاع الفلاحي، فقد أطلق صاحب الجلالة، يوم 13 فبراير 2020، بإقليم اشتوكة آيت باها، الاستراتيجية الفلاحية الجديدة لتطوير القطاع الفلاحي “الجيل الأخضر 2020-2030″، والاستراتيجية المرتبطة بتطوير قطاع المياه والغابات المعروفة باسم “غابات المغرب”.
وترتكز الاستراتيجية الفلاحية “الجيل الأخضر 2020-2030” على ترصيد المكتسبات التي حققها مخطط “المغرب الأخضر”، من خلال اعتماد رؤية جديدة للقطاع الفلاحي، وإرساء حكامة جديدة، ووضع إمكانيات حديثة رهن إشارة القطاع.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على ركيزتين، تتعلق الأولى بالعناية بالعنصر البشري، وذلك من خلال انبثاق جيل جديد من الطبقة الوسطى الفلاحية، عبر تمكين 350 ألف إلى 400 ألف أسرة جديدة من الولوج لهذه الطبقة، وإفراز جيل جديد من المقاولين الشباب، من خلال تعبئة وتثمين مليون هكتار من الأراضي الجماعية، وتوفير فرص عمل لـ350 ألف شاب. أما الركيزة الثانية فتتعلق بمواصلة دينامية التنمية الفلاحية، من خلال تحفيز التنمية البشرية والاجتماعية.
وتروم الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بقطاع المياه والغابات “غابات المغرب”، التي تعتمد على نموذج تدبير مندمج ومستدام ومنتج للثروة، جعل الغابة فضاء للتنمية، وضمان تدبير مستدام أفضل للموارد الغابوية، واعتماد مقاربة تشاركية تشرك المستعملين، وتعزيز القدرات الإنتاجية للغابات والمحافظة على الموروث الغابوي.
وتهدف هذه الاستراتيجية، في أفق سنة 2030، إلى إعادة تغطية أكثر من 133 ألف هكتار، وخلق 27 ألف و500 منصب شغل مباشر إضافي، فضلا عن بلوغ عائدات تثمين سلاسل الإنتاج والسياحة البيئية 5 مليارات درهم كقيمة تجارية سنوية.
وبالمناسبة، أشرف جلالة الملك على إطلاق مشروع غرس 100 هكتار من الأركان بجماعة إيمي مقورن (1,8 مليون درهم)، وهو مشروع يندرج في إطار برنامج غرس الأركان الفلاحي في إقليم اشتوكة آيت باها على مساحة 1250 هكتار.
وانسجاما مع أهداف البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، أشرف جلالة الملك على إطلاق أشغال إنجاز شبكة السقي انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر.
وتطمح هذه المحطة، التي ستشيد على مساحة 20 هكتارا، والمتموقعة على مسافة 40 كيلومترا عن أكادير على موقع ساحلي شمال منطقة الدويرة التابعة للجماعة الترابية انشادن ، في إقليم اشتوكة ايت باها، إلى تلبية حاجيات أكادير الكبير من الماء الصالح للشرب، فضلا عن توفير مياه السقي لري المزروعات في سهل اشتوكة.
ويعتمد هذا المشروع، الذي تبلغ كلفته الإجمالية 4,41 مليار درهم، ويعد الأول من نوعه بإفريقيا، على وضع أفضل التقنيات، لاسيما تقنية التناضح العكسي، والمعدات الموجودة في مجال تحلية مياه البحر وتوزيع المياه.
ولئن كانت الزيارة الملكية أعطت زخما للمشاريع التنموية والأوراش المهيكلة بجهة سوس ماسة، فإن الاهتمام بهذه الجهة من ربوع المملكة يجد مرجعيته في خطاب جلالة الملك محمد السادس، الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، حيث أكد جلالته أن جهة سوس ماسة يجب أن تكون مركزا اقتصاديا، يربط شمال المغرب بجنوبه. داعيا جلالته للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية، في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية.