المحجوب زضيضات//مشاهد بريس
من لا يُصلح نفسه، لا يُصلح مجتمعه، مقولة قديمة ولكنها تظل صادقة حتى اليوم. في عالم سريع التغير، وفي وطن يعايش تحديات كبيرة ومتنوعة، من التعليم إلى الصحة، مروراً بالعدالة، يظل السؤال الأبرز: هل يمكننا أن نخرج من هذه الأزمات؟ هل يمكننا أن نراهن على التغيير دون أن نفقد الأمل؟ وهل التحديات التي نواجهها اليوم هي مجرد عقبات، أم هي فرص حقيقية للنهوض؟
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمات عابرة. هذه اللحظات هي دعوة صادقة للتحول، لمراجعة أنفسنا ومجتمعنا. دعوة لبناء المستقبل معاً، بعيداً عن اليأس، وتوحد الجهود من أجل تحقيق آمالنا. ما نحتاجه اليوم ليس كلاماً عن المشاكل فحسب، بل حلولاً حقيقية تلامس الواقع.
التعليم: من أجل الإنسان أولاً
قطاع التعليم، الذي يمثل حجر الزاوية في تقدم أي أمة، ما زال يعاني من تحديات مستمرة. ورغم أن الجهود لتحسين هذا القطاع موجودة، إلا أن التحديات تظل تتوالى. هناك نقص في الموارد، تراجع في جودة التعليم في بعض المناطق، وضعف في تكوين الكفاءات. ورغم المحاولات، تظل مدارسنا بحاجة إلى إصلاح حقيقي. إذا أردنا أن نصنع مستقبلاً أفضل، يجب أن نعيد النظر في الطريقة التي نعلم بها أبناءنا. التعليم ليس مجرد وسيلة للنجاح الفردي، بل هو أداة لبناء مجتمع قوي قادر على مواجهة التحديات.
العقل زينة، والعلم سلاح؛ هذه حكمة نعرفها جميعاً في مجتمعاتنا العربية. إذا أردنا فعلاً إصلاح التعليم، يجب أن نركز على تعزيز التعليم النوعي، ليس فقط على مستوى المدينة، بل في القرى والأقاليم البعيدة، حيث نحتاج إلى إشراك الجميع في بناء هذا المستقبل.
الصحة: حق للجميع، لا تمييز
أما في قطاع الصحة، فالوضع أكثر إلحاحاً. هناك العديد من المغاربة الذين لا يجدون الرعاية الصحية التي يستحقونها. ورغم أن هناك تحسينات في بعض المناطق، إلا أن الفجوات لا تزال موجودة. من البوادي إلى المدن، من الجنوب إلى الشمال، الجميع يعاني في صمت من تدني مستوى الخدمات الصحية. الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، ولكن هذا التاج يجب أن يكون مرئياً للجميع، وليس حكراً على فئة معينة.
نحن بحاجة إلى نظام صحي يعزز العدالة الاجتماعية، ويضمن حق كل مغربي في رعاية صحية جيدة، بغض النظر عن موقعه أو وضعه الاجتماعي. يجب أن نتأكد من أن البنية التحتية الطبية تتطور، وتتحسن الخدمات في المناطق النائية. لا يمكن لأي إصلاح حقيقي أن يتحقق دون ضمان توفير العلاج والرعاية للجميع، في وقت مناسب، وبجودة عالية.
العدالة: كلمة حق في وجه الظلم
في قطاع العدالة، نجد أنفسنا أمام تحدٍ كبير. العدل أساس الملك، هذه مقولة طالما سمعناها في مجتمعاتنا، لكنها لا تزال بحاجة إلى ترجمة فعلية على أرض الواقع. في المغرب، يشهد النظام القضائي بعض الصعوبات التي تؤخر من تحقيق العدالة. نعم، هناك إصلاحات تُجرى، ولكن لا يمكننا إخفاء حقيقة أن الكثير من المواطنين لا يشعرون أن العدالة تحققت لهم بشكل كامل.
من هنا، يجب أن نعمل معا من أجل تبسيط الإجراءات القضائية، وتسريع المحاكمات، وتحقيق العدالة للجميع على قدم المساواة. يجب أن تكون العدالة في متناول الجميع، بلا استثناء، ومبنية على المساواة بين كل أفراد المجتمع.
الإصلاح: رؤية جديدة لمستقبل مشترك
في كل محنة منحة، حكمة تعلمناها من تجارب الحياة. نعم، نواجه اليوم تحديات، ولكن هذه التحديات يمكن أن تكون نقطة انطلاق نحو الإصلاح الحقيقي. يمكننا أن نحول الأزمات التي نمر بها إلى فرص للنهوض. إذا أردنا الإصلاح، يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا، ونواجه واقعنا بشجاعة.
الفرصة تكمن في الإرادة. الإرادة التي تنبع من قلوبنا جميعاً، من كل مغربي، من كل مواطن يحرص على رؤية وطنه أفضل مما هو عليه اليوم. الإصلاح ليس سحراً ولا مستحيلاً، ولكنه يبدأ بتغيير الطريقة التي نرى بها الأشياء، ويحتاج إلى الالتزام والعمل الجماعي.
الخاتمة: البناء معاً
إذا كانت الأزمات اليوم محكاً لإثبات قدرتنا على التغيير، فإن الأمل في المستقبل لا يزال ينبض في قلوبنا. (التغيير لا يُستجدى، بل يُصنع باليد)، فكل واحد منا يمكنه أن يكون جزءاً من هذا التغيير. هذا ليس مجرد حلم بعيد، بل هو هدف يمكن تحقيقه بالعمل الصادق، والإرادة الجماعية، والابتعاد عن الانقسامات.
دعونا نضع أيدينا في أيدي بعض، ونعمل معاً من أجل بناء مغرب الغد، مغرب العدل والمساواة، مغرب التقدم والرفاهية لجميع أبنائه. المغرب الذي يعكس آمالنا، ويساهم في صناعة تاريخنا الجديد. فهذا الوطن هو ملك لنا جميعا، ويجب أن نعمل من أجل أن يكون أفضل من أي وقت مضى.