شعيب خميس/ مشاهد بريس
فقدت الأمة الإسلامية أحد أبرز علمائها البارزين في الحديث النبوي والدعوة السلفية، فضيلة الشيخ أبو إسحاق الحويني، الذي وافته المنيَّة عن عمر ناهز العقود، قضاها في خدمة العلم الشرعي ونشر السنة النبوية. يُعتبر رحيله خسارةً للعلماء وطلبة العلم، إذ كان رمزًا للاجتهاد في التحقيق العلمي والتمسك بالمنهج السلفي.
وُلد حجاج بن موسى محمد الشهير بأبي إسحاق الحويني في محافظة الدقهلية بمصر، وَنشأ في بيئة متدينة غذّت فيه حب العلم منذ الصغر. تلقى تعليمه الأزهري، وتخصص في الدراسات الإسلامية، حيث برع في علم الحديث رواية ودراية، متتلمذًا على يد عدد من المشايخ المصريين والسعوديين الذين أثروا في منهجه العلمي الدقيق.
اشتهر الشيخ بتحقيقاته الدقيقة للكتب الحديثية، مثل شرحه لـ”صحيح ابن حبان” و”التلخيص الحبير” لابن حجر العسقلاني، مما جعله مرجعًا للباحثين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها.
كان من أبرز الداعين إلى التمسك بالعقيدة السلفية، مع التركيز على محاربة البدع والانحرافات العقدية، عبر دروسه المسجدية ومحاضراته التي انتشرت عبر الإنترنت.
ألّف عشرات الكتب والرسائل العلمية، منها “تخريج أحاديث إحياء علوم الدين” و”بذل الإحسان بتخريج سنن النسائي أبي عبد الرحمن”.
اتسم الشيخ بالصرامة العلمية والجرأة في بيان الحق، مع التواضع في التعامل مع طلبة العلم. كان يُعرف بفكره المستنير الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، داعيًا إلى تجديد الخطاب الديني دون المساس بالثوابت. كما تميز بحسه الفكاهي الذي جعل دروسه مقربة للجمهور.
كان من أوائل من استخدموا الإنترنت لنشر المحتوى الإسلامي، حيث حوّل قناته على اليوتيوب ومنصات التواصل إلى منابر تعليمية تصل لملايين المتابعين.
ربى جيلًا من الدعاة والعلماء الذين يحملون راية المنهج السلفي في مصر والعالم العربي.
أسهمت تحقيقاته في حفظ تراث الحديث النبوي من الضياع، عبر تنقيته من الشوائب والروايات الضعيفة.
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات العلم الشرعي عبارات التعزية من تلاميذه ومحبيه، منهم من وصفه بـ”شيخ المحدثين العصر”، وآخرون أشادوا بصبره على المرض وإخلاصه في تبليغ العلم حتى آخر أيامه.
إن رحيل الشيخ أبو إسحاق الحويني يذكرنا بمسؤولية الحفاظ على الإرث العلمي للأمة، والسير على خطى العلماء العاملين الذين يجسدون العلم بالعمل. فخسارة العلماء موتٌ للقلوب الحية، لكن آثارهم تبقى نورًا يهدي الأجيال.
يُذكر بقوله: “العلم ليس بكثرة الكتب، بل بالتحقيق والفهم الصحيح لنصوص الشرع”.
رحم الله الشيخ.