عيسى هبولة /مشاهد بريس
توصلت جريدة مشاهد بريس برسالة للمتقاعد المغربي السيد “مولاي أحمد التميمي” يخاطب فيها الحكومة قائلا:
سيدتي الحكومة …! نحن لسنا متلاشيات موضوعة في ركن مهجور من أركان بيتك، تتضايقين عند رؤيتها، وتنتظرين من يخلصك منها بحملها إلى المقابر خارج محيط رؤيتك …نحن أيضا مواطنون أحياء ولنا حق في خيرات الوطن التي تتصرفين فيها حسب هواك .
لن أحدثك عن تعامل الفرنجة _ الذين تنقلين منهم أساليب العيش _ مع متقاعديهم ، فأعضاؤك يقضون عطلهم هناك ، ولا يفوتون فرص الإستمتاع على حساب جيوبنا …ولذلك فإنك تعرفين الإمتيازات التي يتمتع بها المتقاعدات والمتقاعدون على الضفة الأخرى من البحر .
معاشاتنا أصبحت كمستنقع راكد ، رائحته عطنة ، وبين الفينة والأخرى تنبعث منه أصوات تشبه الأنين ، وأجسادنا أصابتها أعطاب تحتاج إلى مال كثير لترميمها …. وما نتلقاه لقاء عمرنا الذي أفنيناه في خدمة الوطن ؛ يتدرج من دريهمات تحت عتبة الهزال ،إلى دراهم تكاد تكفي الذين لا يعانون من أمراض مزمنة ، ويتوسدون ما ترك لهم الآباء ، أو يعتمدون على ما يجنيه الأبناء الذي اكتسبوا فضيلة بر الوالدين .
أحزابنا ونقاباتنا مصابة بمرض النسيان ، لكنها تتذكرنا عندما تقتضي مصلحتها ذلك ، فتتعاطف معنا شفويا ثم تنصرف إلى انشغالاتها .
سيدتي الحكومة… ! تصريحاتك تصيب المتقاعدين بالغثيان ، وابتسامات أعضائك تشعرهم بالإشمئزاز …لأن الغلاء قد استشرى ، والمصاريف قد ارتفعت ، ومعاشات العديد منا قيمتها جد مخجلة .
وبما أنه لن يحك جلدك مثل ظفرك …فإنني أفكر في تأسيس منظمة للمتقاعدين ( حزبا ..أو نقابة ) …ولنا من الوقت ما يكفي للفت نظرك السديد إلينا ؛ باحتجاجات خبرنا أساليبها وفاعليتها في الميدان .هذاإن كان في العمر بقية .
كما يعلم الجميع أنّ المُتقاعد المغربي هو الذي يعيش تَبِعات القرارات المُتهوِّرة للحكومات المغربيّة و النقابات المُوالية لها، و التي، يبدو، أنّها متواطِئة معها في الخطوات السلبيّة التي تنتهجها تُجاه هذه الفئة المُهمَّشة من الشعب. لقد أصمَّت الحكومات آذاننا ب “الحوارات الاجتماعيّة” التي لم و لنْ تكون سوى ذَرٍّ للرّماد في عيون الذين أفْنَوْا حياتَهم في خِدمة وطنِهم..
• يُعاني المُتقاعد المغربيّ مآسي جمّة جرّاء التّهميش و الإقصاء و عدم الاهتمام به، بالرفع من راتب معاشِه الهزيل و المُجمَّد و القارّ منذُ عقود عديدة، المُتقاعد الذي أفنى حياتَه في تربية و تعليم ناشِئة بلده، إنّها الخِدمة الجليلة التي يستَحقّ عليها كلّ الاهتمام و الرعاية و العيش الرّغيد و الكريم، و ذلك باتخاذ الدولة تَدابيرَ عاجلة في وَضع سُلَّم مُتحرِّك لراتِب معاشه، بعيداً عن المُراوَغة و المُماطَلة و التضليل المُتجلّية في ما يُسمّى (الحوارات الاجتماعيّة)، التي سئِمَ المُتقاعد منها، لِكوْنه واعٍ عن مقاصِدِها و أهدافِها و مَراميها، لا ينتظر هذا الرّجُل المُناضل من نقابات تَتلقّى دعماً ماليّاً هائلاً من الدولة أنْ تُدافِع عن مَطالِبه و حقوقه المهضومة، فحصول هذه النقابات على مِنحة سنويّة بالملايير من السنتمات يَكبَحُ جِماحَها في مُقارَعة الحكومات و الوُقوف أمامَها نَدّا من أجل حمايَة هذه الفئة المُفقَّرة و المُهمَّشة التي كانت يوماً من الطَّبقة المتوسِّطة، و انحدَرت الآن إلى الشريحة الفقيرة من الشعب، و ذلك بسبب السياسات المُنتهَجة و المُمَنهجة للدولة تُجاه المتقاعد المغربي المسكين..
● الخلاصة:
• على الحكومة المغربية الحالية العمَل على إعادة النّظر في النّهجِ الذي تسلُكه تجاه جميع الأساتذة و الأستاذات المُتقاعدين، و ذلك بِوضْع استراتيجيَّة واضحة لإعادة الاعتبار لهذه الفئة، استراتيجيّة تروم في أهدافِها الرفع من رواتب هذه الفئة المُتضَرّرَِة الهشّة، من خلال إلغاء الضريبة على الدّخل، أوَّلاً و قبل كلّ شيء، التي تُعتبَر اختلاساً واضِحاً من رواتِبِهم الهزيلة، علماً أنّهم كانوا يُؤدّون هذه “الذّعيرة” طيلة مُدّة عمَلهم.. بالإضافة إلى وَضع سُلَّمٍ مُتحرِّكٍ للمَعاشات، بعيداً عن المُفاوَضات التضليليّة و العقيمة التي تُجرى مع النقابات المُواليَة لها، و التي لا تتناوَل حقوق الأستاذ المُتقاعد، الذي أركنَتهُ الدولة إلى زاوية التهميش و الإقصاء و التفقير.. لا أحدَ من أعضاء الحكومة و لا من أعضاء النقابات يمْنح شيْئاً من جَيْبِه، فالزيادة في معاشات الأساتذة و الأستاذات المتقاعدين هي من أموال الشعب و من ثروات بلدهم الهائلة، من فسفاط و ذهب و ثروات بحريّة من أسماك مختلفة الأشكال و الأنواع، التي تُذِرّ على الدولة الملايير من الدولارات