المحجوب زضيضات// مشاهد بريس
يشكل شباب بوجدور، مثلهم مثل شباب باقي المدن المغربية شريحة أساسية في المجتمع، لكن على الرغم من إمكانياتهم وطموحاتهم لا يزالون يعانون من تحديات كبيرة تجعلهم بعيدين عن فرص العيش الكريم والمشاركة الفاعلة في جميع جوانب الحياة.
تتعدد أسباب هذا الوضع منها ما يتعلق بنقص الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ومنها ما هو سياسي وثقافي.
في الوقت نفسه، لا ينبغي أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام هذه المعضلة، إن شباب بوجدور يستحقون فرصاً أفضل كما أن الحلول لا تتطلب إلا الإرادة الحقيقية من جميع الأطراف المعنية لتحويل هذا التحدي إلى فرصة حقيقية.
الإقصاء والتحديات الحالية:
إلى اليوم، يعاني شباب بوجدور من نقص حاد في فرص العمل رغم موقع المدينة الاستراتيجي القريب من البحر والموانئ. يتفشى الفقر والبطالة ويجد الكثير منهم أنفسهم في حالة من الإحباط نتيجة غياب برامج دعم كافية لخلق فرص عمل مستدامة. في المقابل، يعانون من غياب فرص تعليمية وتدريبية متطورة مما يحول دون تأهيلهم لدخول سوق العمل أو بدء مشاريعهم الخاصة، كما أن المشاركة السياسية تكاد تكون شبه معدومة، حيث يجد الشباب أنفسهم مهمشين في أغلب المراحل التي تشمل اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم.
الحلول الممنهجة لتجاوز الإقصاء وبناء المستقبل:
من أجل تمكين شباب بوجدور من التغلب على هذه التحديات، لا بد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تضمن تقديم فرص حقيقية لهم في مختلف المجالات.
ولتنفيذ ذلك، يجب أن يكون هناك تنسيق فعّال بين السلطات المحلية، المسؤولين الحكوميين، رجال الأعمال، وكذلك الهيئات السياسية في المدينة.
خلق فرص عمل محلية ومستدامة
من أولويات الحكومة والسلطات المحلية في بوجدور العمل على خلق بيئة اقتصادية محلية قادرة على استيعاب طاقات الشباب.
-يمكن تحقيق ذلك من خلال:
تشجيع الاستثمار المحلي
يجب على المسؤولين المحليين جذب الاستثمارات الخاصة والعامة لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة توفر فرص عمل في قطاعات متنوعة مثل الصيد البحري والسياحة والخدمات اللوجستية…
تطوير الصناعات المحلية
يمكن استغلال الموارد المحلية بشكل أفضل مثل الصيد البحري، من خلال إنشاء مصانع لمعالجة الأسماك أو المنتجات البحرية في المنطقة مما يساهم في توفير فرص عمل مستدامة.
تطوير برامج تعليمية وتدريبية تتناسب مع احتياجات السوق
يجب توفير برامج تعليمية وتدريبية تركز على احتياجات السوق المحلي والوطني.
-يتطلب:
إعادة تقييم المناهج الدراسية
في مدارس ومعاهد بوجدور لتشمل مهارات مهنية وتقنية مع التركيز على التعليم التكنولوجي والتدريب المهني، بما يمكن الشباب من الدخول إلى سوق العمل بشكل مباشر.
إطلاق برامج تدريبية للشباب بالشراكة مع الشركات المحلية والعالمية لتمكينهم من اكتساب مهارات عملية تتماشى مع التوجهات الجديدة في مختلف المجالات.
** دعم المشاريع الريادية والشبابية**
التمويل والتوجيه السليم يمكن أن يكونا نقطة تحول في حياة الكثير من الشباب. -من هنا، يجب:
إطلاق حاضنات أعمال للشباب
يمكن للسلطات المحلية وقطاع الأعمال توفير حاضنات أو مراكز لريادة الأعمال تساعد الشباب على تطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع حقيقية.
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
من خلال توفير القروض الميسرة أو المنح الشبابية مع تقديم استشارات في مجال التسويق والإدارة.
** تعزيز المشاركة السياسية وتفعيل دور الشباب**
من أجل إشراك الشباب في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم يجب العمل على:
إنشاء آليات للحوار بين الشباب والمسؤولين المحليين
تنظيم منتديات حوارية دورية تجمع الشباب مع المسؤولين المحليين والبرلمانيين لمناقشة قضاياهم والتوصل إلى حلول مشتركة.
تشجيع الشباب على المشاركة السياسية
من خلال برامج توعية تركز على أهمية المشاركة في الانتخابات والأنشطة السياسية مع تقديم الدعم للمرشحين الشباب الذين يسعون للتمثيل في المجالس المحلية.
تعزيز دور المجتمع المدني
لا يمكن لأي مبادرة أن تنجح دون مشاركة فعالة من المجتمع المدني، لذلك يجب على منظمات المجتمع المدني في بوجدور العمل على:
توفير منصات للشباب
تساعد على تمكينهم من التعبير عن آرائهم ومشاكلهم بالإضافة إلى دعمهم في إنشاء شبكات اجتماعية واقتصادية تساهم في تقدم المدينة.
تنظيم أنشطة ثقافية ورياضية: تعزز الهوية المحلية وتشجع على الابتكار والإبداع لدى الشباب.
** تعزيز البنية التحتية والخدمات العامة**
من المهم أن تكون بوجدور مدينة قادرة على استيعاب الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المتعددة.
-من هنا، يجب:
تحسين البنية التحتية
مثل الطرق والمرافق العامة بما يعزز من فرص الاستثمار ويوفر بيئة أفضل للعمل.
الاهتمام بالخدمات الصحية والتعليمية
توفير خدمات صحية وتعليمية عالية الجودة تُسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.
الخلاصة
إن الشباب في مدينة التحدي بوجدور يشكلون قوة دافعة أساسية نحو مستقبل واعد وهم بالفعل قادرون على أن يكونوا في طليعة التنمية إذا توفرت لهم الفرص المناسبة. لتحقيق هذا الهدف، يجب أن يتم تعزيز التعاون بين كافة الأطراف المعنية بما في ذلك السلطات المحلية والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والهيئات السياسية، فالتخطيط السليم والعمل المشترك هو السبيل لتحقيق تحول حقيقي، ويجب أن يكون تمكين الشباب في بوجدور جزءا أساسيا من استراتيجيات التنمية. إذا تم استثمار طاقاتهم وأفكارهم بشكل جيد يمكن لهذه المدينة أن تصبح نموذجا يُحتذى به في مجال إشراك الشباب في التنمية المستدامة. في هذا السياق، نحن واثقون من قدرتكم على قيادة هذه المبادرة نحو النجاح وتحقيق طموحات المجتمع.