عزيز بيضوضين/مشاهد بريس
تختزن جبال الأطلس وسوس موروث ثقافي لامادي غني مرتبط بفن “الروايس وتيروايسين” اللذين يتغنون بحب الطبيعة وجمالها، وتحمل قصائدهم ثراء وجودة وتنوعا موسيقيا أصيلا، يتلون ويتراقص بجودة ألحانها ومقاطعها الموسيقية المتنوعة، وقد تجاوز هذا الفن الأزمنة والأمكنة ورافق الأمازيغ في هجراتهم الوطنية والدولية، حتى أصبح علامة موسيقية تفتخر بها جبال الأطلس وسوس.
انسجاما والرؤى الثقافية المتعددة التي ينهجها مهرجان “تيميتار” وبمناسبة النسخة 17 منه، واحتفاء بفن “الروايس”، ستنظم إدارة المهرجان حفل توقيع رسمي لكتاب “رحلة في عوالم الروايس” وذلك يوم 14 يوليوز 2022 بأكادير، يحضر هذا العرس الثقافي فنانو وممارسي هذا الفن الجميل، بالإضافة إلى ثلة من الممثلين والفنانين من منطقة سوس ماسة وكل الغيورين والمحبين لفن الأجداد هذا.
استغرق إنتاج هذا العمل التوثيقي أكثر من عامين من البحث لسبر أغوار عوالم فن “الروايس”، تطلبت حشد ما يناهز خمسين فنانا ممارسا وموردين شهود محبين ومتعطشين لهذه الفن، بالإضافة إلى علماء مختصين في الموسيقى ومفكرين مغاربة، وهو الأمر الذي يجعل من هذا الكتاب عملا وأيقونة ثقافية حقيقية، مغلفة برسوم فنية شاعرية وخاصة، يساهم بدوره في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي بنوعيه المادي واللامادي المعرض للزوال والنسيان، في ما يُضمر هذا الإصدار، كذلك، من بين غاياته الأسمى إعادة تقييم فن الأجداد هذا عبر رسم روافد تنقل القارئ من خلال هذه الأشكال الفنية التقليدية للسفر عبر الزمن والعودة لما لا إلى أصوله واكتشاف جوانبه المتعددة.
المؤَلَّف سَفَرٌ ينطلق مرساه بداية القرن الماضي، ويستقر خصوصا في سنوات 1970-1990، ليحكي للمتلقي عبر نصوص شعرية خاصة ب “الروايس” رحلات من زمن غابر، تحمل غبار جبال الأطلس وسوس من حيث انفرادها نظما وشكلا، منها ما تمت ترجمته لأول مرة إلى اللغات العربية والفرنسية، تجسد فيها الصور الفوتوغرافية -التي تعرض لأول مرة- بالإضافة إلى محاكات مرسومة بأنامل ذهبية فناني “الروايس” في أبهى لحظاتهم الفنية، تزيد هذه السفر الثقافي والفني تجربة تتفرد بها عن غيرها.
يثمن هذا الكتاب استكمال عمل أنثروبولوجي نُشر في دجنبر 2020 لتكريم “تيروايسين والروايس” تحت عنوان “رحلة في عالم المغنيين والشعراء الأمازيغ الرحل” باعتبارهم ذاكرة لهذا الفن، ويحمل كنوزا بشرية حية تتأبط فنا عريقا وجميلا، ويواصل هذا المؤلف تخليد هذا التقليد الفني الذي هو لبنة تؤسس لتراثنا الموسيقي الوطني، بالإضافة إلى ذلك، فهو إصدار يدعم بدوره ملف تسجيل فن “الروايس” ضمن قائمة اليونسكو للتراث اللامادي العالمي.
ألف كتاب “رحلة في عوالم الروايس” إبراهيم المزند، ومن إنتاج مؤسسة “أنيا” الثقافية. تتمحور الغاية الأساسية من هذا المؤلف في الرغبة الملحة في الحفاظ على هذا التراث اللامادي المغربي وتثمينه من خلال منحه المكانة التي يستحقها باعتباره فن.