انهيار قوس (قصر)البحر بشاطئ آسفي: إهمال يُطوي صفحة من التاريخ البرتغالي

2025-04-12T16:45:49+00:00
2025-04-12T16:45:51+00:00
فن وثقافة
Bouasriya Abdallahمنذ 17 ثانيةwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 17 ثانية
انهيار قوس (قصر)البحر بشاطئ آسفي: إهمال يُطوي صفحة من التاريخ البرتغالي

رشيد اتريعي/مشاهد بريس

في مشهد يُجسِّد تداعي الذاكرة التاريخية تحت وطأة الإهمال، انهار مؤخرًا “قوس البحر” الشهير بشاطئ آسفي، بقصر البحر أحد أبرز المعالم الأثرية التي تعود إلى الحقبة البرتغالية في المغرب. هذا الانهيار ليس مجرد سقوط حجارة، بل خسارة لفصلٍ من تاريخ المنطقة، وتذكير صارخ بضعف آليات الحفاظ على التراث في وجه التحديات البيئية والبيروقراطية.

القوس البرتغالي: شاهد على تاريخ مُعقّد
بُني القوس في القرن السادس عشر خلال الاحتلال البرتغالي لمدينة آسفي (1508–1541)، حيث شكّل جزءًا من منظومة دفاعية لحماية القلعة البرتغالية (قصبة البحر) من الهجمات. تميز القوس بتصميمه الهندسي الفريد، الذي يجمع بين الطابع العسكري والجمالي، مما جعله رمزًا للتفاعل الحضاري بين المغرب وأوروبا. وعلى الرغم من انسحاب البرتغاليين من آسفي بعد مقاومة محلية شرسة، بقي القوس شاهدًا على حقبةٍ شكلت ملامح المدينة.
الانهيار: بين الطبيعة والإهمال البشري
على مدى عقود، تعرّض القوس لتآكل طبيعي بسبب عوامل التعرية البحرية والرياح القوية، لكن الخطر تفاقم بسبب غياب الصيانة الدورية. فلم تُجرَ أي محاولات جادة لترميمه أو تعزيز هيكله، رغم تقارير خبراء الآثار التي حذّرت منذ سنوات من هشاشة بنيته. حيث سقط جزء كبير من القوس، تلته انهيارات متتالية.
الأسباب الرئيسية للكارثة:

  1. إهمال مؤسسي: عدم تخصيص السلطات المحلية أو وزارة الثقافة ميزانيات للحفاظ على الموقع.
  2. غياب الوعي بأهمية التراث:تُرك القوس دون إشارات تفسيرية أو حملات توعوية لجذب الدعم المحلي والدولي.
  3. التغيرات المناخية: تسارع تآكل السواحل بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر والعواصف المتكررة.
    مسؤولية من؟
    تتعدد الجهات المُدانة في هذه القضية:
    وزارة الثقافة المغربية: التي تُعدّ الجهة الرئيسية المسؤولة عن حماية المواقع الأثرية المصنفة، لكنها لم تُدرج القوس ضمن أولوياتها.
    المجلس البلدي لآسفي: الذي تجاهل مطالب نشطاء التراث بتحويل الموقع إلى مزار سياحي مُدار.
    المنظمات الدولية: مثل اليونسكو، التي لم تُضِف القوس إلى قوائم التراث العالمي المعرّض للخطر، رغم قيمته التاريخية.

أثار الانهيار موجة استياء في أوساط المغاربة، خاصةً مؤرخين ونشطاء ثقافيين. يقول احد المؤرخين: “خسرنا جسرًا يربط الأجيال الجديدة بتاريخ مقاومة الاحتلال”. كما أطلق نشطاء حملات على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم #أنقذواتراثآسفي، مطالبين بتحقيق عاجل لمعرفة أسباب التقصير.

وقد يشكل سقوط القوس ناقوس خطرٍ لمصير مئات المواقع الأثرية المهمَلة في المغرب، مثل أطلال “مازاكان” بالجديدة و”القصبة الإسبانية” بالمعمورة. فغياب استراتيجية وطنية فاعلة لحماية التراث، واعتمادها على مشاريع مُوسمية غير مستدامة، يُهدّد بفقدان هوية مواقع تاريخية كانت قادرة على جذب السياحة الثقافية لو أُحييت.

لإنقاذ ما تبقى من تراث آسفي وغيرها، لا بد من:

  1. إعادة إعمار القوس: عبر مشروع طارئ بتمويل من الدولة والشركاء الدوليين.
  2. تفعيل القوانين: تطبيق العقوبات على الجهات المتقاعسة عن حماية المواقع المصنفة.
  3. إشراك المجتمع المحلي: بتحويل المواقع الأثرية إلى نقاط حية عبر أنشطة ثقافية وسياحية.

إن انهيار قوس آسفي ليس مجرد دمارٍ مادي، بل اختبارٌ لضمير الأمة تجاه تاريخها. فالحضارات تُقاس بقدرتها على حفظ ذاكرتها، والمغرب اليوم مدعوٌّ لإنقاذ تراثه قبل أن يتحول إلى أسطورة تُروى للأحفاد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.