بقلم : لحسن اوبحمان
يتناهى الى كثير من الناس مثقفيهم او متعلميهم عند قراءة هذا الحديث النبوي الشريف الصريح العبارة و العميق الدلالة كونه ازاحة الاحجار او الاشواك في الطرقات التي تعترض سير المارة او الراجلين.
لما كنا في سن الصبا كثيرا ما يثير انتباهنا منظر شيخ بلغ من الكبر عثيا و هو يبذل قصارى جهده في الانحناء لازالة حجرة او عثرة وسط الطريق الغير المعبدة التي كانت تغلب على مجمل الاحياء. و قد يصاحب هذا السلوك همهمات و كلام خفي يدل على عدم الرضا عن واضع تلك العثرة او الحجرة.بل اعتبرنا ذلك ونحن صغار من الواجبات علينا.
فالاماطة في اللغة هي الازاحة والازالة و الادى لفظ عام يستغرق كل ما من شأنه ان يسبب ادى للناس و الحيوان والطبيعة والدولة وهو كل فعل لا يقبله العقل والمنطق ولا يتماشى والسلوك الحضاري للانسان.
فالرسول الكريم عليه افضل الصلواة وازكى التسليمات عندما رتب حكماعلى هذا السلوك وهو الاثابة ونيل مزيد من الحسنات على ازالة كل ما من شانه يسبب ضررا للمجتمع لم يختص به مكان او زمان او سلوك بعينه وقد حصره فهمنا على ازالة الاجحار في الطرقات و هذا من قصور عقولنا وعدم توسعنا في مدلول الحديث.
فمنطوق الحديث و مفهومه يتوافق مع حديث اخر و المعتبر من القواعدالفقهية الخمس الاساسية في الفقه الاسلامي وهي قاعدة ” الضرر يزال” لدى فكل فعل او شيء يسبب ضرر للمخلوقات يجب ازالته بل اكثر من ذلك مزيله ينال بذلك ثواب الله اولا و رضى الناس واستحسانا لسلوكه.
فعند اسقاط مقتضى الحديث على حياتنا اليومية في مجتمعنا المحلي او الوطني يترائى لنا كثير من الضرر التي تعاني منه عامة الناس ظهارا ، جهارا ولا احد تكلف بازالته او ان هناك تراخ او تواطؤ منع من اصلاح ما لحقه الضرر.
فاوجه الضرر في المدن المغربية خاصة متعددة و يقصر المجال هنا عن ذكرها كلها لكن لا اشكال في ذكر الاهم لاضافة حلة جديدة على المجال الاجتماعي للمملكة
اولا: احتلال التجار المتجولون للطرقات : لا تكاد تمر من شارع او ساحة عمومية كانا مخصصين لتسهيل حركة السير و الجولان او تصريف الضغوط النفسية للساكنة باستغلال الساحات العمومية اما لعبا او جلوسا ؛ الا وكانت محتلة من قبل فئات مجتمعية لا تمت للتجارة و قوانينها بصلة ؛ فئة الباعة المتجولون مستعملين في نشاطهم كل الوسائل اما بهائم او عربات يدوية او دراجات ثلاثية العجلات مقصصة للنقل بذل عرض السلع او افتراش الارض وما يترتب عن ذلك من تشوه منظر المدينة و تلويث السلع خاصة الغذائية منها. ( الخضر مثلا)
يتجلى عدم فهمهم للقواعد التجارية في التضييق على الساكنة والاساءة اليهم و ذلك بغلق كل المنافذ للدور والمساكن و كذا غلق الطرقات ومنع انسيابية المسير حتى غدت بعض الطرق محتلة و ممنوعة على السيارات و ربما حتى على الراجلين لما يتعرضون له من تدافع و تفتيش من لصوص الجيوب ؛ اما التحرش بالفتيات والنساء فذاك حديثه طويل. سيقول البعض ان تلك السويقات تقوم بتقريب المنتوجات و خفض الاسعار .و…و… نعم لكن اضرارها اكبر من نفعها. فالقاعدة الفقهية تقول “دفع الضرر اولى من جلب المصلحة.”
ثانيا: احتلال ارصفة الطرقات : التجارة والخدمات لها قواعدها وضوابطها من اجل تحقيق مصلحة الجميع فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمنع من لم يتفقه في الدين من الولوج للاسواق للمتاجرة لكونه سيظلم الناس اكثر مما ينتفعون بتجارته ، وهذا المبدأ توصل اليه سياسيونا مؤخرا وقد اطلقوا عليه مصطلح ” تخليق الحياة العامة ” اي ان تتسم حياتنا ومعاملاتنا و تجارتنا بنوع راقي من الاخلاق.
لكن الناظر الى محجاتنا وطرقاتنا العامة يرى نقيض ذلك من احتلال للارصفة و للاماكن المخصصة للراجلين ، فلا تكاد ترة محل تجارة الا واخرج اكثر سلعته للخارج عبارة عن اكياس و صناديق يسد بها الرصيف المخصص للمارة و في بعض الاماكن التجارية يتم اغلاق ابواب المنازل بالسلع. اهناك ضرر اخر اكثر من منعك من الدخول الى منزلك الشخصي. و الحديث على الاسقف المصنعة والشرفات الكبيرة المتجاوزة لحدودها المانعة للهواء كل ذلك له انعكاس سلبي على المحيط لابد من منعه وازالته.
اما المقاهي فضررها واضح بين بل اصبح هذا السلوك بمثابة حق لابد من تحصيله فاحتلال الكراسي للارصفة والحدائق العمومية والساحات الكبرى حق اريد به باطل ، فالمتجول في المدن المغربية واغلب الاحياء السكنية لا سبيل له الا اتخاد الطرق المعبدة مسارا له ينافس فيه السيارات والدراجات بمختلف انواعها، فلا غرابة ان تدق الوكالة الوطنية للوقاية من حوادث السير ناقوس الخطر في الارتفاع المهول لنسب القتلى والجرحى في صفوف الراجلين والسبب في ذلك انتزاع حقهم في الطرقات ومنعهم بالقوة من السير على الرصيف من قبل اصحاب المحلات والمقاهي لدى ليس لهم حل اخر الا النزول للشارع لمواصلة المسير.
فالضرر في المدن كثير وازالته فرض عين على المسؤولين على تسيير الشان المحلي فلكل حقه لا يجب تجاوزه .لاصحاب المحلات متر واحد امام المحلات والباقي للراجلين. وللباعة المتجلون حقهم في ممارسة التجارة لدى يجب ان تخصص لهم امكنة مغلقة خاصة بهم يتكلفون بتنظيفها و جمع ما احدثوه من نفايات وازبال و منع الاستقرار بتلك الاماكن اسوة لتلك الاسواق في الدةل التي تحترم قوانينها.
و لاصحاب المقاهي حقهم فلا يحق لهم تجاوز القدر من الكراسي خارج المقهى حتى غدت المقاهي مدرجات لملعب كرة المضرب يجلس فيها البعض لتتبع عورات النساء و تتبع نشاطات الاشخاص. فالمقهى مكان عام للاستراحة وعقد اجتماعات او مناقشات او تناول وجبات لا يجب ان تشكل ضررا ماديا ومعنويا على المارة. فالمقاهي بالصيغة الحالية عبارة عن ابراج مراقبة الناس وهو ما يسبب ضررا يجب ازالته.
اذا تمكنا من فهم المغزى من الحديث من اماطة الادى نحقق معنى تمتع الانسان بحقوقه واستيفاء واجبه فالرسول صلى الله عليه وسلم اوصى باعطاء الطريق حقها وقد تمكن البعض من سلب حقوق الطرقات.
والكلمة الفصل للمسؤولين على تدبير الشان المحلي.