المحجوب زضيضات / مشاهد بريس
في عصر تتهادى فيه المعلومات بسرعة البرق ويزدحم فيه المشهد الإعلامي بالعديد من التوجهات والأفكار نجد أنفسنا أمام محطة تفكير مهمة:
ما الذي حصل لحفظ القرآن الكريم وتعلم الأمور المتعلقة بالدين الإسلام؟ أين ذهب الاهتمام الذي كان ينشأ مع النشء لمعرفة و تعلم و فهم كتاب الله؟
قد يبدو لنا أنه في زمن مضى كان تعلم القرآن وحفظه جزءاً لا يتجزأ من هوية المسلم. كانت المدارس القرآنية والمساجد وبيوت العلم تعج بالطلاب المتعطشين لمعرفة دينهم، كانت الأسرة تزرع في نفوس الأبناء قيمة التعلم الديني وكان المجتمع يشجع على المنافسة في حفظ القرآن وفهم السنة.
ومع ذلك، ومع تسارع وتيرة الحياة وتحول أولويات الأجيال الجديدة نحو ما يقدمه العالم الحديث من تكنولوجيا وترفيه نجد أن تعلّم القرآن قد فقد الكثير من بريقه. أصبحت الشاشات والهواتف الذكية تحتل حيزاً كبيراً من اهتمام الشباب مما أدى إلى تراجع وقت القراءة وحفظ الآيات.
تظهر الإحصائيات أن العديد من الشباب الذين يتعلمون في المدارس الحديثة لا يستثمرون الوقت الكافي في تعلم دينهم. والغريب في الأمر أن التعليم الديني الذي يُنتظر منه تعزيز القيم والأخلاق قد نُحي عن صدارة الاهتمامات، بل كثيراً ما نجد أن الأمور الدينية تُعتبر ثقيلة وغير جذابة في نظر البعض، مما يدفعهم إلى الابتعاد عنها.
وخلال جائحة فيروس كورونا للأسف، عانت مراكز التحفيظ والدروس الدينية من الإغلاق مما زاد من الفجوة بين الأجيال الماضية والأجيال الحالية…
هذا التخلي عن التعلم الديني يحمل تداعيات خطيرة، حيث تزداد الهوة بين الأجيال المعاصرة وجذورها الدينية مما يؤدي إلى ضعف الفهم الصحيح للدين وقيمه.
كما أن التعليم الديني يعزز من القيم الإنسانية والأخلاقية التي تتماشى مع تعليم القرآن في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع إلى الوعي الديني كأحد أسس التعايش السلمي والتنمية الاجتماعية.
إن التوجه إلى إعادة إحياء حفظ القرآن ينبغي أن يكون من الأهداف الأساسية للمجتمع، يجب أن نعمل على تشجيع الفئات العمرية المختلفة على التفاعل مع النصوص الدينية بشكل تفاعلي وجذاب من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة وتقديم المحتويات الدينية بأساليب مبتكرة تلامس اهتمامات الشباب.
في النهاية، فإن العالم الإسلامي أمامه تحدي كبير يتمثل في إعادة قراءة أولوياته…